وكالة مهر للانباء_ ديانا محمود: لايخرج المسيحيون في الدول العربية من أزمة حتى يقعون في أزمة ثانية، الطائفة التي توصف في اغلب الدول العربية بالأقلية لاتحظى بمعايير الحرية الدينية التي ترغب لها، تلاحقهم المجموعات التكفيرية في سوريا والعراق لتمنع بناء كنائسهم في مصر وتهدمها في السعودية.
نقطة ضعف في المنطقة العربية أم نقطة قوة؟ لم يتفق الباحثون على تحديدها حتى الآن، حيث لاتزال الكتب العربية تدس في أبحاثها صفة التواطؤ لمسيحيي الشرق مع دول الغرب متهمة الكنائس بتسهيل دخول الانتداب الغربي، كأن الاستعمار الحديث الذي يسيطر على المنطقة اليوم لم يدخل من المساجد، فيما لاينكر الباحثون أنفسهم دور البعثات التبشرية التي انتشرت من أبواب الكنائس لتنوير الشرق العربي في مطلع القرن العشرين.
مضى قرن وبدأ آخر ومازالت أصابع السؤال توجه لمسيحي الشرق ولاسيما مع فتح أبواب السفارات الغربية لهذه الطائفة للحصول على أفضل التسهيلات للجوء، وتفريغ الشرق من المسيحية، التي تتعرض بدورها إلى تسائلات حول هذه الدعم.
ومن جهة أخرى نرى الكنيسة العربية تحاول تثبيت أقدامها في الشرق والحفاظ على تاريخها قبالة هجمات الحركات الإرهابية في المنطقة.
الكنيسة المصرية
تعتبر المسيحية الديانة الثانية في مصر، أغلبهم من الأقباط الأرثوذكس إلى جوار بعض الروم واللاتين الموارنة، يشكل عدد المسيحيين في مصر أحد أول الأزمات بين الكنيسة والسلطات الحاكمة، حيث خرجت الكنيسة بإحصائية تقول إن رعاياها يقاربون الثمانية عشر مليون فيما جزم الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر بأن عدد المسيحيين هو خمس مليون نسمة عام 2012.
واستنكرت الكنيسة القبطية الاحصائيات الرسمية معتبرةً إياها تهميشا للمسيحيين في مصر وإمعاناً من الدول بسياساتها العدائية ضد المسيحيين، مطالبة بإعادة الاحصاء.
وعن أوضاع المسيحيين أيام حسني مبارك فإن رعايا الكنيسة القبطية تعرضوا ل93 اعتداء من جماعات مسلمة إلى جانب اعتداء الشرطة على بعض المسيحيين الذين كانوا يقيمون نشاطات دون ترخيص، ثم جاءت سنة الثورة في مصر لتشهد عدداً من المجازر كان أولها مذبحة كنيسة القديسين ليلة رأس السنة 2011، عقبها اشتباكات مع عناصر الأمن المصرية في مظاهرة مستنكرة لأحداث الاسكندرية تلاها عدد من هجمات المتطرفين الاسلاميين في مصر على الكنائس بحرقها أو هدمها ولاسيما أثناء حكم المجلس العسكري لتكمل الاعتداءات أثناء حكم محمد مرسي.
أما في عهدالرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي فقد رحبت الكنيسة بانقلابه العسكري في تموز 2013 ولاسيما بعد تقرب السيسي من المسيحيين لدرجة جعلت راعي الكنيسة المرقسية في القاهرة مكاري يونان يصف السيسي بأنه مرسل من السماء!
ولايخفى على متابع المشهد العربي خوف المسيحية وغيرها من الأقليات من الغول السلفي الذي فجر المنطقة وأخرج الإرهاب والتكفير، مما جعل معظم الاقليات تلوذ بحكم العسكر معتبرةً إياه الحل الأفضل في ظل التهديد التكفيري.
منع بناء الكنائس في مصر
يخضع بناء الكنائس في مصر لقانون وضعه العربي باشا وكيل وزارة الداخلية المصرية عام 1934م يعقد فيه هذا القانون أمر بناء الكنيسة رابطاً إياها بإحدى عشر سؤال عن أسباب ودوافع وامكانية وظروف الأرض التي ستبنى عليها الكنيسة وصفها مسيحيو مصر بالتعجيزية، وتم تعديل هذا القرار عام 1952م إلا إنه لم يتم العمل بالتعديلات، بل لحق هذا القانون فتوى أخرى نشرت في مجلة الدعوى المصرية عام 1980م تحرم فيه بناء الكنائس في البلاد التي أنشأها المسلمون وتأمر بهدمها في البلاد التي فتحها المسلمون بالقوة فيما تسمح ببقاء الكنائس التي مازالت منذ أيام الفتح الاسلامي في المدن المفتوحة صلحاً شرط إلا يعاد بناءها إذما سقطت.
وفي العهد الحديث منع المسيحيون في مصر من بناء كنائس جديدة إلا وفقاً للقانون القاسي الذي يحد الكنيسة ب400م فقط دون وضع علامات الصليب أو الاجراس، الأمر الذي مازال مستمراً حتى هذا اليوم.
وقدم المجلس الكنيسي في مصر قانوناً معدلاً للبناء الكنائس منذ أشهر وتوقع البعض أن تصادق عليه حكومة السيسي لوقوف الكنيسة إلى جانبه منذ بداية حكمه إلا إن التوقعات باءت بالفشل، فالتعديلات التي طالبت بها الكنيسة أصحبت موضع نقاش حاد بين الحكومة والأجهزة الأمنية المصرية بدعوى الحفاظ على هوية العمارة الاسلامية.
ووفقاً لماتداولته الصحف المصرية فإن رئيس الوزراء المصري شريف اسماعيل أدخل تعديلات على مسودة القانون تتيح للحاكم المحلي في اي محافظة منع البناء أو السماح به، أي ان الكنيسة خسرت حربها في الحصول على هذا القانون.
وأدان مؤسس حركة شباب "كريستان" لقضايا الأقباط الأرثوذكس نادر سليمان موافقة البابا تواضروس على هذه الخسائر معتبراً القانون الذي لايسمح للكنيسة برفع الصليب والبرج والأجراس يكرس الاضطهاد الطائفي في مصر.
يبدو إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستخدم المسيحيين كورقة ضغط على الغرب من جهة ومواجهة المتطرفين في مصر من جهة أخرى، إلا إنه لم يستطع أن يغير قواعد الاضطهاد الذي تمارسه دوائر الأمن وتعممه على الشارع المصري. /انتهى/
تعليقك